اضطرابات التغذية عند المراهقين

اضطرابات التغذية عند المراهقين: أسبابها وأعراضها وأنواعها وطرق علاجها

تعد فترة المراهقة مرحلة حساسة في حياة الإنسان، حيث تشهد تغيرات جسدية وهرمونية كبيرة، بالإضافة إلى تطورات نفسية واجتماعية تؤثر بشكل عميق على تصرفات المراهقين وعاداتهم الغذائية. في هذه المرحلة العمرية، يواجه المراهقون تحديات تتعلق باختيار الطعام واتباع الأنظمة الغذائية، ما قد يؤدي إلى ظهور اضطرابات التغذية التي تؤثر سلباً على صحتهم العامة. تعد اضطرابات التغذية من أبرز المشاكل الصحية التي يعاني منها الشباب في مختلف أنحاء العالم، وهي تتطلب الاهتمام والوعي لمعالجتها بشكل فعّال.

أسباب اضطرابات التغذية عند المراهقين

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ظهور اضطرابات التغذية لدى المراهقين، وتعتبر الأسباب النفسية، الاجتماعية، والبيئية من بين العوامل الرئيسة التي تسهم في نشوء هذه الاضطرابات.

1. التغيرات الهرمونية: في مرحلة المراهقة، تحدث تغيرات هرمونية ضخمة تؤثر على جسم المراهقين، مما قد يساهم في حدوث اضطرابات غذائية مثل فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام. تساهم هذه التغيرات في زيادة الوعي بالجسم، ما قد يؤدي إلى مشاعر من القلق أو عدم الرضا عن المظهر الخارجي.

2. الضغط الاجتماعي والمجتمعي: يشهد المراهقون ضغطًا اجتماعيًا كبيرًا، سواء من الأسرة أو الأصدقاء أو وسائل الإعلام، حيث تتزايد الضغوط المتعلقة بالصور النمطية للجمال المثالي والوزن المثالي. هذا الضغط يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات غذائية غير صحية، مثل تقليل الطعام أو اتباع حميات قاسية.

3. الضغوط النفسية: الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب قد تساهم في اضطرابات التغذية. يعاني العديد من المراهقين من صعوبة في التعامل مع هذه المشاعر السلبية، ويجدون أن تغيير عاداتهم الغذائية قد يكون وسيلة للسيطرة على مشاعرهم.

4. العوامل البيئية: تساهم بيئة المنزل والمدرسة في تشكيل عادات الطعام لدى المراهقين. على سبيل المثال، إذا كانت الأسرة تتبع عادات غذائية غير صحية أو إذا كانت المدرسة توفر طعامًا غير مغذٍ، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة خطر حدوث اضطرابات التغذية.

5. التغيرات الجسدية: في مرحلة المراهقة، تحدث تغيرات في الجسم مثل زيادة الوزن أو الطول، ما قد يجعل المراهقين أكثر عرضة للتأثر بمفاهيم الجمال والمظهر الجسدي. هذه التغيرات قد تؤدي إلى مشاكل في تقدير الذات، مما يساهم في ظهور الاضطرابات الغذائية.

أنواع اضطرابات التغذية عند المراهقين

تختلف اضطرابات التغذية التي قد يعاني منها المراهقون بناءً على السلوكيات والعوامل النفسية التي تؤثر على عاداتهم الغذائية. من أبرز أنواع اضطرابات التغذية التي تظهر في هذه المرحلة:

1. فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa)

يعد فقدان الشهية العصبي من أبرز اضطرابات التغذية التي تصيب المراهقين، وهو يتمثل في محاولة المراهقين للسيطرة على وزنهم من خلال تقليل كميات الطعام بشكل مفرط أو تجنب الطعام تمامًا. المراهقون المصابون بفقدان الشهية العصبي يعانون من خوف شديد من زيادة الوزن، وقد يشعرون بأنهم يعانون من السمنة على الرغم من أنهم قد يكونون تحت الوزن الطبيعي أو يعانون من النحافة المفرطة.

الأعراض:

• انخفاض شديد في الوزن.

• تجنب تناول الطعام أو تقييد كمياته بشكل مفرط.

• قلق مستمر بشأن الوزن والمظهر الجسدي.

• ممارسة التمارين الرياضية بشكل مفرط.

• مشاعر من الاكتئاب أو القلق.

2. الشره المرضي العصبي (Bulimia Nervosa)

الشره المرضي العصبي هو اضطراب غذائي يتمثل في تناول الطعام بشكل مفرط في فترة قصيرة جدًا (الشره) يليها سلوكيات تهدف إلى التخلص من الطعام الزائد مثل التقيؤ القسري أو استخدام الملينات. يعاني المصابون بالشره المرضي من شعور بالذنب بعد تناول الطعام بكميات كبيرة، ويشعرون بحاجة ماسة للتخلص منه.

الأعراض:

• تناول كميات كبيرة من الطعام في فترات قصيرة.

• شعور بالذنب أو الخجل بعد تناول الطعام.

• ممارسة سلوكيات مثل التقيؤ القسري أو استخدام الملينات بعد تناول الطعام.

• اضطرابات في العلاقة مع الطعام والوزن.

3. اضطراب تناول الطعام القهري (Binge Eating Disorder)

على الرغم من أنه مشابه للشره المرضي العصبي، إلا أن اضطراب تناول الطعام القهري يختلف بعدم محاولة التخلص من الطعام الزائد من خلال التقيؤ أو الملينات. يعاني الأفراد المصابون بهذا الاضطراب من تناول كميات كبيرة من الطعام بشكل مفرط دون أن يكون لديهم القدرة على التوقف.

الأعراض:

• تناول الطعام بكميات كبيرة في فترات قصيرة.

• الشعور بفقدان السيطرة أثناء تناول الطعام.

• شعور بالندم أو الذنب بعد تناول الطعام.

• عدم ممارسة سلوكيات التخلص من الطعام الزائد، مثل التقيؤ أو استخدام الملينات.

أعراض اضطرابات التغذية

تتفاوت الأعراض التي قد تظهر على المراهقين المصابين باضطرابات التغذية، وقد تكون هذه الأعراض جسدية أو نفسية أو سلوكية. من أبرز الأعراض التي قد تشير إلى وجود اضطراب غذائي:

• فقدان الوزن الشديد: يعد فقدان الوزن غير المبرر أو التغير المفاجئ في الوزن من الأعراض الرئيسية لبعض اضطرابات التغذية مثل فقدان الشهية العصبي.

• الشعور الدائم بالتعب: يعاني المراهقون المصابون بالاضطرابات الغذائية من الشعور بالإرهاق المستمر بسبب نقص التغذية.

• الانشغال المستمر بالوزن والطعام: قد يقضي المراهق وقتًا طويلاً في التفكير في الطعام، الوزن، وممارسة الرياضة بشكل مفرط.

• السلوكيات الغذائية غير المنتظمة: مثل تجنب الطعام أو الإفراط في تناول الطعام ثم التخلص منه.

• تغيرات في المزاج: مثل الشعور بالاكتئاب أو القلق أو التقلبات المزاجية المفاجئة.

• آلام المعدة أو مشكلات هضمية: بسبب الإفراط في تناول الطعام أو التقليل المفرط منه.

طرق علاج اضطرابات التغذية

يتطلب علاج اضطرابات التغذية عند المراهقين مزيجًا من العلاج النفسي والدعم الطبي والتغذوي. يحتاج المراهقون الذين يعانون من اضطرابات التغذية إلى علاج شامل يساعدهم على التعامل مع الأسباب النفسية التي أدت إلى المشكلة، بالإضافة إلى استعادة العادات الغذائية الصحية. من طرق العلاج المتبعة:

1. العلاج النفسي: يُعتبر العلاج النفسي جزءًا أساسيًا من علاج اضطرابات التغذية، حيث يساعد المراهقين على التعامل مع الضغوط النفسية والقلق والاكتئاب الذي قد يساهم في سلوكياتهم الغذائية. العلاج المعرفي السلوكي هو أحد الأساليب الفعالة التي تُستخدم لتغيير السلوكيات الغذائية غير الصحية.

2. الدعم التغذوي: يحتاج المراهقون إلى استعادة عادات غذائية صحية تحت إشراف مختصين في التغذية. يتم تصميم خطط غذائية متوازنة تساعد في تحسين الحالة الصحية العامة واستعادة الوزن الطبيعي.

3. العلاج الطبي: قد يتطلب بعض الحالات تدخلًا طبيًا، مثل العلاج الدوائي لعلاج القلق أو الاكتئاب المصاحب للاضطراب الغذائي. في حالات فقدان الشهية العصبي الشديد، قد يتطلب الأمر دخول المستشفى لاستعادة التغذية بشكل مناسب.

4. الدعم الأسري والاجتماعي: تعد البيئة الأسرية والداعمة أحد العوامل المهمة في علاج اضطرابات التغذية. من الضروري أن يتم تشجيع المراهقين في بيئة صحية وآمنة توفر الدعم النفسي والعاطفي.

5. العلاج الجماعي: قد يكون العلاج الجماعي مع أشخاص آخرين يعانون من اضطرابات غذائية مشابهة مفيدًا للمراهقين في تعلم استراتيجيات المواجهة والتقليل من الشعور بالعزلة.

خاتمة

تعد اضطرابات التغذية من المشاكل الصحية التي تحتاج إلى معالجة شاملة تتضمن جوانب نفسية، اجتماعية، وطبية. يتطلب علاج هذه الاضطرابات تضافر الجهود من الأسرة والمختصين في الصحة النفسية والتغذية. مع الدعم المناسب، يمكن للمراهقين التغلب على هذه الاضطرابات والعودة إلى نمط حياة صحي ومستقر.